السبت، 10 ديسمبر 2016

شروط الحضانة

أ.د. عبد الفتاح محمود إدريس*
أضيف فى 1433/07/29 الموافق 2012/06/19 - 10:26 ص




شـروط الحـاضن:
تعد الحضانة من الولايات الخاصة, والغرض منها صيانة المحضون ورعايته, وهذا لا يتأتى إلا إذا كان الحاضن أهلا لذلك, والبعض ينظر إليها على أنها حق للحاضن, وأنها مزية ينبغي أن يناطح السحاب من أجل فوزه بها, ولكنها في أول ألأمر ونهايته حقق للصغير المفتقر إلى من يرعاه, وليست حقا لأحد سواه, وليس كل من جاء في ترتيب المستحقين للحضانة من يكون أهلا لها, فللحضانة شروط اشترطها الفقهاء, من شأنها أن لا تثبت الحضانة إلا لمن توفرت فيه, وهذه الشروط أنواع ثلاثة: شروط عامة فيمن يتولى الحضانة رجلا كان أو امرأة, وأخرى خاصة بالنساء, وثالثة خاصة بالرجال.
أما الشروط العامة فهي ما يلي:
    الإسلام إذا كان المحضون مسلما, إذ لا ولاية للكافر على المسلم, وللخشية على المحضون من الفتنة في دينه, وقد شرطه الشافعية والحنابلة وبعض المالكية, ومثله مذهب الحنفية بالنسبة للحاضن الذكر, وعلى مشهور المالكية ومذهب الحنفية في حق الحاضنة الأنثى, فلا يشترط الإسلام إلا أن تكون المرأة مرتدة, لأنها تحبس وتضرب عند الحنفية, فلا تتفرغ للحضانة, أما غير المسلمة فهي كالمسلمة في ثبوت حق الحضانة, ما لم يعقل المحضون الدين, أو يخشى أن يألف الكفر, فإنه حينئذ ينزع منها ويضم إلى أناس من المسلمين عند الحنفية, ويرى المالكية أنه إن خيف عليه فلا ينزع منها, وإنما تضم الحاضنة لجيران مسلمين ليكونوا رقباء عليها.
    البلوغ والعقل, فلا تثبت الحضانة لطفل ولا لمجنون, أو معتوه, لعجزهم عن إدارة أمورهم, فهم في حاجة لمن يحضنهم, فلا توكل إليهم حضانة غيرهم, وهذا باتفاق الفقهاء .
    الأمانة في الدين, فلا حضانة لفاسق, لأن الفاسق غير مأمون, والمراد بالفسق الذي تنعدم معه الأمانة, الفسق الذي يضيع المحضون به, كاشتهار الحاضن بالشرب, والسرقة, والزنا واللهو المحرم, أما الفاسق مستور الحال فتثبت له الحضانة, قال ابن عابدين: الحاصل أن الحاضنة إن كانت فاسقة فسقا يلزم منه ضياع الولد عندها سقط حقها, وإلا فهي أحق به, إلى أن يعقل الولد فجور أمه فينزع منها, وقال الرملي: يكفي مستور الحال أي مستور العدالة, قال الدسوقي: والحاضن محمول على الأمانة حتى يثبت عدمها .
    القدرة على القيام بشأن المحضون, فلا حضانة لمن كان عاجزا عن ذلك لكبر سنه, أو إصابته بمرض يعوقه عن ذلك, أو بعاهة: كالعمى والخرس والصمم, أو نحوها, أو كانت الحاضنة تخرج كثيرا لعمل أو غيره وتترك الولد ضائعا, فكل هؤلاء لا حضانة لهم, إلا إذا كان لديهم من يعنى بالمحضون, ويقوم على شؤونه, فحينئذ لا تسقط حضانتهم .
    أن لا يكون بالحاضن مرض معد, أو منفر مما يتعدى ضرره إلى المحضـون: كالجذام, والبرص وشبههما .
    الرشد: وهو شرط عند المالكية والشافعية, فلا حضانة لسفيه مبذر للمال حتى لا يتلف مال المحضون .
    أمن المكان بالنسبة للمحضون الذي بلغ سنا يخشى عليه فيه الفساد, أو ضياع ماله, فلا حضانة لمن يعيش في مكان مخوف يطرقه المفسدون والعابثون, وقد صرح بهذا الشرط المالكية .
    عدم سفر الحاضن أو الولي سفر نقلة, فقد اتفق جمهور الفقهاء ( المالكية والشافعية والحنابلة ومن وافقهم من فقهاء التابعين: كالليث بن سعد وغيره ) على أنه إذا كان سفر أحد هما للنقلة والانقطاع سقطت حضانة الأم، وتنتقل الحضانة لمن هو أولى بها بعدها, بشرط أن يكون الطريق آمنا، والمكان المنتقل إليه مأمونا بالنسبة للولد، ويكون أولى الناس بحضانته أبوه, سواء أكان هو المقيم أم المسافر/ أما الشروط الخاصة بالحاضنين من الرجال فهي:
    أن يكون محرما للمحضون إذا كانت المحضونة أنثى مشتهاة, فلا حضانة لابن العم لأنه ليس محرما, ولأنه يجوز له نكاحها فلا يؤتمن عليها, فإن كانت المحضونة صغيرة لا تشتهى, ولا يخشى عليها فلا تسقط حضانة ابن عمها, وإذا لم يكن للمشتهاة غير ابن العم, وضعت عند أمينة يختارها وفقا لرأي الشافعية والحنابلة, أو يختارها القاضي وفق لرأي الحنفية إذا لم يكن ابن عمها أصلح لها, وإلا أبقاها القاضي عنده, ويرى المالكية سقوط الحق في الحضانة لغير المحرم, وأجاز الشافعية أن تضم لابن عمها إذا كانت له بنت يستحى منها, فإنها تجعل عنده مع بنته .
    اعتبر المالكية لثبوت الحضانة للذكر, أن يكون عنده من النساء من يصلح للحضانة كزوجة, أو ابنة, أو مستأجرة لذلك, أو متبرعة, أو نحوهن . واعتبر في الحواضن من النساء ما يلي:
    أن لا تكون الحاضنة متزوجة من أجنبي عن المحضون, لأنها تكون مشغولة بحق الزوج, لما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم " أن امرأة قالت: يا رسول الله ابني هذا كان بطني له وعاء, وثديي له سقاء, وحجري له حواء, وأن أباه طلقني, وأراد أن ينزعه عني, فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تنكحي ", ومن ثم فلا حضانة لمن تزوجت بأجنبي عن المحضون, حيث تسقط حضانتها بمجرد إبرام عقد النكاح عند الحنفية والشافعية والحنابلة, وبالدخول عند المالكية, وهو احتمال لابن قدامة, واستثنى المالكية من حالات سقوط الحضانة بتزوج الحاضنة من أجنبي عن المحضون, ما إذا علم من له حق الحضانة بعدها بدخول زوجها بها, وسقوط حقها في الحضانة وسكت لمدة علم بعد علمه بذلك بلا عذر, حيث لا يسقط حقها في الحضانة حينئذ, وكذا إذا لم يقبل المحضون غير مستحقة الحضانة, وأن لا تقبل المرضعة أن ترضعه عند من انتقلت إليه الحضانة بعد زواج أم المحضون, وأن لا يكون للولد حاضن غير الحاضنة التي دخل الزوج بها, أو أن يكون له حاضن غيرها إلا أنه غير مأمون, أو عاجز عن القيام بمصالح المحضون, وأن لا تكون الحاضنة التي تزوجت بأجنبي وصية على المحضون, على قول عند المالكية .هذا بالنسبة لزواج الحاضنة من أجنبي عن المحضون, فإن تزوجت بذي رحم محرم منه كجدته إن تزوجت بجده أو بقريب ولو غير محرم منه كابن عمه, فلا تسقط حضانتها عند المالكية والحنابلة والشافعية في الأصح من المذهب, واشترط الشافعية والحنابلة أن يكون من نكحته ممن له حق في الحضانة, لأن شفقته تحمله على رعايته فيتعاونان على ذلك, كما اشترط الشافعية رضا الزوج, وقيد الحنفية بقاء الحضانة بما إذا كان الزوج من ذوي الرحم المحرم من الصغير, فلو كان غير محرم كابن العم سقطت حضانتها .
    أن تكون الحاضنة ذات رحم محرم من المحضون كأمه وأخته, فلا حضانة لبنات العم والعمة, والخال والخالة, وفقا لمذهب الحنفية والمالكية, خلافا للشافعية والحنابلة, الذين لم يعتبروا هذا الشرط, وصرح الشافعية بأنه لا تثبت الحضانة لبنت العم على الذكر المشتهى, وهو قول نقله ابن عابدين .
    أن لا تقيم الحاضنة بالمحضون في بيت من يبغض المحضون ويكرهه, كما لو تزوجت الأم وأخذته أم الأم, وأقامت بالمحضون مع الأم فحينئذ تسقط حضانة أم الأم إذا كانت في عيال زوج الأم, وهذا عند الحنفية, وهو المشهور عند المالكية .
أن لا تمتنع الحاضنة عن إرضاع الطفل إذا كانت أهلا له, وكان محتاجا للرضاع وهذا في الصحيح عند الشافعية.
المصدر: http://fiqh.islammessage.com/NewsDetails.aspx?id=4920

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق