الأربعاء، 16 نوفمبر 2016

في حق الضمان على الراكب والسائق والقائد 2 إكمال


بسم الله الرحمن الرحيم

                نود أن نذاكر قبل الصفحة الخامسة من مذكرة التفسير في فقه الجنايات الذي سبق لنا كتابة الصفحات له وكان آخر شيء كنا فيه هو في صفة القتل التي تعتبر من نوع الخطأ الذي تجب فيه الدية، أو ما يقوم مقام الدية، مثل مسألتنا قبل ضمان الراكب والسائق والقائد.

                وكذلك وصلنا مع القاضي ابن رشد رحمه الله في كتابه "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" في المسائل المتعلقة بجناية الراكب خطأ ويتبقى لنا ذكر مسألة واحدة منها، ألا وهي: "مسألة الموت بسبب اصطدام الفارسين في مكان واسع حيث يغلب على كل منهما به عدم الحصول على القصد والتخطيط في الاصتدام بينهما اللذان أديا إلى موت كل منهما"، فقال المؤلف رحمه الله رحمة واسعة:

واختلفوا في الفارسين يصطدمان فيموت كل واحد منهما؛

1.      فقال مالك وأبو حنيفة وجماعة:

على كل واحد منهما دية الآخر وذلك على العاقلة؛

2.      وقال الشافعي وعثمان البتي:

على كل واحد منهما نصف دية صاحبه،

Ü  لأن كل واحد منهما مات من فعل نفسه وفعل صاحبه.

ش: الفارسان: هما اللذان يركبان فرسا، ضد الراجل الذي يمشي على رجله.

والفارس في الجهاد في الغنائم يجعل له سهمان: سهم له هو وسهم لفرسه.

فهنا نقول، أن الفارسان في فرض المسألة يسيران في طريقهما في مكان واسع ثم التقيا مع بعض فاصطدما فسقطا وماتا اثنين بسبب هذا الاصطدام، ولم يكن مقصودا منهما ومن دون تخطيط منهما، فيعتبر هنا من قتل الخطأ؛ لأنه لم يكن أحدهما يقصد قتل آخر، والأمر الثاني: الآلة لم تكن من التي تقتل غالبا: وهو الحصان العاري من لجام وسرج وغيره؛ فيجري فيه أحكام قتل الخطأ تجب فيه الدية على العاقلة.

فالحكم عند مالك وأبو حنيفة وجماعة، أو الجمهور قالوا: على كل واحد منهما دية الآخر على عاقلة المقتول. حيث تدفع عاقلة مقتول (ألف) الدية على عاقلة مقتول (باء)، وعاقلة مقتول (باء) تدفع الدية على مقتول (ألف).

سؤال: هل فيه تبادل؟ الجواب: لا، ليس فيه تبادل. ولو فرضنا أن فيه تبادل وليس كذلك.

فإن الدية مال موروث فلما نقول للاثنين هؤلاء أن الدية على العاقلة؛ فليست الدية على أولاد القاتل أو كانوا فقراء فلا يدفعون شيئا، فهذا استلم الدية أولاده وورثوها (أعني: ورثوا الميراث فتقسموها بينهم)، وهكذا لما يريد الطرف الآخر أن يدفع الدية لهؤلاء فيأخذون شيئا من هذا المال ومع أعمامه وبني أعمامه حتى كل القبيلة تدفع الدية ويردون لهؤلاء... وهؤلاء أولاده دفعوا وإخوانه دفعوا (أعني أولاد القاتل الطرف الأول)... إلى ما لا نهاية له، فلم يحصل هنا التبادل.

وهكذا يعمل هذه المسألة في أصحاب السيارات بعد النظر إلى سبب الاصطدام حيث يكون فيه ما ذكرناه من اتساع المكان وكان الحدث بدون قصد وخطط فيدخل في باب الخطأ.

والراجح في المسألة: الدية تكون على العاقلة، الذي هو قول الجمهور.

انتهى ولله الحمد ويليه إن شاء الله "في تضمين الطبيب"... تابعونا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق