الجمعة، 25 نوفمبر 2016

مراعاة حقوق الآدميين


بسم الله الرحمن الرحيم

                تقدم ولله الحمد ذكر ثبوت الخالة للأم، ونحن لا زلنا في باب الحضانة: واعلموا أن الحضانة في اللغة: مشتقة من الحضن، وهو الجنب؛ لأن المربي يضم الطفل إلى حضنه، والحاضنة هي المربية. هذا معناها لغة. وأما معناها شرعا؛ فهي: حفظ صغير ونحوه عما يضره وتربيته بعمل مصالحه البدنية والمعنوية[1].

                التنبيه لذكر هذا التعريف هو ما سنسير عليه في الحديثين الباقيين.

الْحَث على مَكَارِم الْأَخْلَاق، وَهُوَ الْمُوَاسَاة فِي الطَّعَام لَا سِيمَا فِي حق من صنعه وَحمله، لِأَنَّهُ تحمل حره ودخانه وتعلقت بِهِ نَفسه وشم رَائِحَته

(وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أتى أحدكم) مفعول مقدم (خادمه) فاعل (بطعامه) فليجلسه معه (فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة، أو لقمتين. متفق عليه واللفظ للبخاري) .

الخادم يطلق على الذكر والأنثى أعم من أن يكون مملوكا، أو حرا؛ وظاهر الأمر الإيجاب، وأنه يناوله من الطعام ما ذكر مخيرا. وفيه بيان أن الحديث الذي فيه الأمر بأن يطعمه مما يطعم ليس المراد به مؤاكلته، ولا أن يشبعه من عين ما يأكل بل يشركه فيه بأدنى شيء من لقمة أو لقمتين.

قال ابن المنذر عن جميع أهل العلم إن الواجب إطعام الخادم من غالب القوت الذي يأكل منه مثله في تلك البلدة وكذلك الإدام والكسوة، وأن للسيد أن يستأثر بالنفيس من ذلك، وإن كان الأفضل المشاركة.

وتمام الحديث " فإنه ولي حره وعلاجه " فدل على أن ذلك يتعلق بالخادم الذي له عناية في تحصيل الطعام فيندرج في ذلك الحامل للطعام لوجود المعنى فيه، وهو تعلق نفسه به.





حث الإسلام على العناية بالحيوان والآدميين من باب أولى

(وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: عذبت امرأة) قال المصنف: لم أقف على اسمها. وفي رواية أنها حميرية. وفي رواية من بني إسرائيل (في هرة) هي أنثى السنور والهر الذكر «سجنتها حتى ماتت فدخلت النار فيها لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض» بفتح الخاء المعجمة ويجوز ضمها وكسرها وشينين معجمتين بينهما ألف والمراد هوام الأرض (متفق عليه) .

والحديث دليل على تحريم قتل الهرة؛ لأنه لا عذاب إلا على فعل محرم ويحتمل أن المرأة كافرة فعذبت بكفرها وزيدت عذابا بسبب ذلك، وقال النووي: إنها كانت مسلمة، وإنما دخلت النار بهذه المعصية، وقال أبو نعيم في تاريخ أصبهان: كانت كافرة. ورواه البيهقي في البعث والنشور عن عائشة فاستحقت العذاب بكفرها وظلمها، وقال الدميري في شرح المنهاج: إن الأصح أن الهرة يجوز قتلها حال عدوها دون هذه الحال وجوز القاضي قتلها في حال سكونها إلحاقا لها بالخمس الفواسق.

وفي الحديث دليل على جواز اتخاذ الهرة وربطها إذا لم يهمل إطعامها قلت ويدل على أنه لا يجب إطعام الهرة بل الواجب تخليتها تبطش على نفسها.


   وهكذا ستستكمل مذاكرتنا مع الأحاديث النبوية بإذن الله تعالى في فرصة لاحقة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


[1] الملخص الفقهي 2/439

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق