الأربعاء، 9 نوفمبر 2016

دية الجنين 2 إكمال


بسم الله الرحمن الرحيم

مرحبا بكم القراء الحنفاء في مدارسة كتاب قيم "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" للقاضي ابن رشد الحفيد رحمه الله تعالى.

في هذا الدرس سنسير بإذن الله فيما تبقى لنا من قضية دية الجنين.

فقال رحمه الله تعالى رحمة واسعة:

المسألة السادسة: صفة خلقة الجنين التي توجب الغرة.

واختلفوا من هذا الباب في الخلقة التي توجب الغرة،

1.    فقال مالك: كل ما طرحته من مضغة أو علقة مما يعلم أنه ولد ففيه الغرة،

2.    وقال الشافعي: لا شيء فيه حتى تستبين الخلقة.

3.    والأجود أن يعتبر نفخ الروح فيه، أعني أن يكون تجب فيه الغرة إذا علم أن الحياة قد كانت وجدت فيه.

المسألة السابعة: على من تجب دية الجنين؟

وأما على من تجب؟ فإنهم اختلفوا في ذلك؛

1.      فقالت طائفة منهم مالك والحسن بن حي والحسن البصري:

هي في مال الجاني؛

2.      وقال آخرون: وممن قال بذلك الشافعي وأبو حنيفة والثوري وجماعة.

هي على العاقلة

Ü    وعمدتهم أنها جناية خطأ فوجبت على العاقلة.

Ü    وما روي أيضا عن جابر بن عبد الله "أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل في الجنين غرة على العاقلة الضارب وبدأ بزوجها وولدها".

Ü    وأما مالك فشبهها بدية العمد إذا كان الضرب عمدا.

المسألة الثامنة: لمن الدية؟

وأما لمن تجب؟

1.      فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة:

هي لورثة الجنين، وحكمها حكم الدية في أنها موروثة؛

2.      وقال ربيعة والليث:

هي للأم خاصة، وذلك أنهم شبهوا جنينها بعضو من أعضائها،

مسألة فرعية: وجوب الكفارة في الجنين مع وجوب الغرة بداية.

                إن الكفارة الواجبة المنصوص في كتاب الله إنما لقتل الخطأ، فالكفارة هي: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، ففي هذه المسألة هل الكفارة في الخطأ هنا تشمل على العمد بالقياس الأولوي؟ فقال رحمه الله في سرد الخلاف في هذه المسألة قائلا:

ومن الواجب الذي اختلفوا فيه في الجنين مع وجوب الغرة وجوب الكفارة،

1.    فذهب الشافعي إلى

أن فيه الكفارة واجبة؛

2.    وذهب أبو حنيفة إلى

أنه ليس فيه كفارة

3.    واستحسنها مالك ولم يوجبها.

ش: في هذه المسألة ثلاثة أقوال: قول بوجوب الكفارة وهو قول الشافعي، وقول بعدم الوجوب وهو قول أبي حنيفة، ثم قول باستحسانها لا بالوجوب وهو قول مالك رحمة الله على الجميع. ثم يبدأ رحمه الله بمناقشة أدلة كل قول، وعليكم بالتركيز خصوصا عندما يذكر وجه قول أبي حنيفة رحمه الله. فيقول:

Ü  فأما الشافعي فإنه أوجبها لأن الكفارة عنده واجبة في العمد والخطأ.

Ü  وأما أبو حنيفة فإنه غلب عليه حكم العمد، والكفارة لا تجب عنده في العمد.

ش: المؤلف ابن رشد صاحب الكتاب يود أن يعلمنا بأن أبا حنيفة عند استدلاله يخالف ما اعتمد عليه في تغليب حكم الجنين حكم العمد. كيف يغلب هنا حكم العمد مع أنه قد صرح في دية الجنين على العاقلة لأنها جناية خطأ!؟

Ü  وأما مالك فلما كانت الكفارة لا تجب عنده في العمد وتجب في الخطأ، وكان هذا مترددا عنده بين العمد والخطأ استحسن فيه الكفارة ولم يوجبها.

ش: نود هنا أن نسير على طريقة أستاذي د. أبو بكر في توجيه الترجيح بين الأقوال. قول مالك رحمه الله في استحسانه لم يكن متعارضا مع قول السابق في عدم وجوب الكفارة في العمد ووجوبها في الخطأ والجنين متردد بين هذا وهذا فاستحين في الجنين الكفارة مع عدم الجزم بالوجوب.

        فينظر في طريقة الترجيح في توافق أقوالهم في كل المسائل التي تكلم فيه الفقيه.

تم بحمد الله درسنا الثاني وهو الجزء الأخير من مسألة دية الجنين، ثم يليه بإذن الله مسألة "تضمين الراكب والسائق والقائد". تابعوا معنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق