الخميس، 24 نوفمبر 2016

ثبوت حضانة الخالة

بسم الله الرحمن الرحيم
هذه صفحة تستمر على ما سبق لنا من كتابة الصفحات المتعلقة بأحاديث الأحكام الماضية، وهي التي كانت تتحدث عن باب الحضانة وأحكامها في الإسلام، فالحديث الذي معنا اليوم بإذن الله عن الخالة كالأم في الحضانة، فقبل كل شيء نبدأ بذكر شروط الحضانة:
أولا: الإسلام
ثانيا: الحرية
ثالثا: البلوغ
رابعا: العقل
خامسا: الرشد
سادسا: القادر على سد حاجات المحضون
سابعا: لا مريضا مزمنا أو معديا
ثامنا: لا فقيرا
تاسعا: لا عجوزا
عاشرا: أن تكون المرأة غير متزوجة (منازعة) على حديث: "عبد الله بن عمرو أن «امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنت أحق به، ما لم تنكحي» رواه أحمد وأبو داود، وصححه الحاكم".
قال الإمام الصنعاني صاحب الكتاب سبل السلام شرح بلوغ المرام:
[ثبوت الحضانة للخالة]
(وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في ابنة حمزة (اسمها عمارة بنت حمزة بضم العين وكسرها) لخالتها، وقالالخالة بمنزلة الأم» . أخرجه البخاري وأحمد من حديث علي - رضي الله عنه -. قال «والجارية عند خالتها، فإن الخالة والدة» .
هذا الحديث سيكون مخصصا للحديث المذكور في شرط عدم كون الحاضنة مزوجة، ثم قال رحمه الله ما يستفاد من الحديث، فقال:
الحديث دليل على ثبوت الحضانة للخالة، وأنها كالأم ومقتضاه أن الخالة أولى من الأب ومن أم الأم ولكن خص ذلك الإجماع وظاهره أن حضانة المرأة المزوجة أولى من الرجال، فإن عصبة المذكورة من الرجال موجودون طالبون للحضانة كما دلت له القصة واختصام علي - رضي الله عنه – (ابن عمها - عصبة) وجعفر (عمها - عصبة)، وزيد بن حارثة (ابن ابن عمها)، وقد سبقت، وأنه قضى بها للخالة، وقال الخالة بمنزلة الأم، وقد وردت رواية في القصة أنه - صلى الله عليه وسلم - قضى بها لجعفر فاستشكل القضاء بها لجعفر، فإنه ليس محرما، وهو وعلي - رضي الله عنهما - سواء في القرابة لها وجوابه أنه - صلى الله عليه وسلم - قضى بها لزوجة جعفر (أسماء بنت عميس أخت أم عمارة سلمى بنت عميس زوجة حمزة) وهي خالتها، فإنها كانت تحت جعفر لكن لما كان المنازع جعفرا، وقال في محل الخصومة: بنت عمي وخالتها تحتي أي زوجتي قضى بها لجعفر لما كان هو المطالب ظاهرا، وقال: " الخالة بمنزلة الأم " إبانة بأن القضاء للخالة فمعنى قوله قضى بها لجعفر قضى بها لزوجة جعفر، وإنما أوقع القضاء عليه؛ لأنه المطالب، فلا إشكال في هذا وإلا أنه استشكل ثانيا بأن الخالة مزوجة، ولا حق لها في الحضانة لحديث «أنت أحق به ما لم تنكحي» .
والجواب عنه أن الحق في المزوجة للزوج، وإنما تسقط حضانتها؛ لأنها تشتغل بالقيام بحقه وخدمته، فإذا رضي الزوج بأنها تحضن من لها حق في حضانته وأحب بقاء الطفل في حجره لم يسقط حق المرأة من الحضانة، وهذه القصة دليل الحكم، وهذا مذهب الحسن والإمام يحيى وابن حزم وابن جرير ولأن النكاح للمرأة إنما يسقط حضانة الأم وحدها حيث كان المنازع لها الأب. وأما غيرها فلا يسقط حقها من الحضانة بالتزويج، أو الأم والمنازع لها غير الأب يؤيده ما عرف من أن المرأة المطلقة يشتد بغضها للزوج المطلق ومن يتعلق به، فقد يبلغ بها الشأن إلى إهمال ولدها منه قصدا لإغاظته وتبالغ في التحبب عند الزوج الثاني بتوفير حقه وبهذا يجتمع شمل الأحاديث والقول بأنه - صلى الله عليه وسلم - قضى بها لجعفر، وأنه دال على أن للعصبة حقا في الحضانة بعيد؛ لأنه وعليا - رضي الله عنهما - سواء في ذلك؛ لأن قوله - صلى الله عليه وسلم - الخالة أم صريح أن ذلك علة القضاء ومعناه أن الأم لا تنازع في حضانة ولدها، فلا حق لغيرها.

نتيجة:
1)     الأحاديث في باب الحضانة غالها متعلقة بشروط الحاضن، أو الحاضنة.
2)     كان التميهد بذكر الشروط هنا ينبه القارئ على الشرط الأخير هو أن تكون المرأة الحاضنة غير مزوجة أو لم تنازع في أمر الولد عند حضانته، وهذا الحديث يخصص بعض أحكام هذا الشرط.
3)     لم يذكر الشارح الإمام الصنعاني عمن ذكر من الأعلام بالنسبة للبنت المنازع عليها وقد ذكر الدكتور محمد العجوز خلال شرح الدرس هذا اليوم بصورة ممتعة وواضحة جدا جزاه الله خيرا.
4)     فائدة: الحكمة من عدم جواز حضانة المتزوجة لأنها سوف تتعذر عن حقوق زوجها لما تشتغل بأمر حضانة الولد، أو الزوج كان لا يحب الولد فيتضرر هو من عدم التربية الصحيحة، فلا ضرر ولا ضرار.
5)     فائدة: لا بد من رضى الزوج في حضانة زوجتها لولد ليس له.
وبهذا نتكتفي إن شاء الله تعالى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق